لخلق مجتمع مدني حقيقي….دعوة لاعادة النظر في دور المظمات الموجودة على الساحة

سالار فندي

“لم اندم على ما لم أقله، وانما ندمت على ما قلته مرارا”
يزد كرد اخر أكاسرة الفرس
لابد ان نقر بان وجود هامش من الديقراطية والرغبة نحو التغير سواء من قيل القيادة السياسية الكردية او من قبل المواطنين، دفع بالكثيرين للبحث عن اسباب وطرق التغير نحو الافضل ،وهذا الامر دفع بالكثير من الكتاب والصحفيين والمثقفين الى الكتابة عن سبل جعل المجتمع الكردي اكثر تمدنا او با احرى جعله مجتمعا مدنيا،

فاجتهد لبعض في البحث والتنقيب عن تعريفات للمجتمع المدني وقام البعض الاخر بالكتابة عن مؤسسات المجتمع المدني وضرورة تاسيسها وتفعيل دورها في مجتمعنا الكردي كما نادى اخرون بحرية المراة معتبرا انها تاتي في مقدمة مقومات تكوين المجتمع المدني.
وبالتاكيد فان هذه الدعوة وجدت صدى لدى المسئولين الذين مابرحوا يتكلمون الا عن المجتمع المدني وايجابياته وفضائليه دون دراية بلب الموضوع ،لمجرد التباهي امام الاهالي للتاكيد على انهم افضل الناس واكثرهم مدنية واداركا لحاجات الناس واحسن خلق الله في الدنيا ،لكن يتناسى الجميع (سياسيون ومثقفون) وطبعا مسئولين ان يسالوا سوالا ملحا وهو ما هي الصفات او سمات المجتمعات المدنية وكيف يمكن وصف مجتمع اوشخص ما بانه مدني ومتحضر؟
ان الجواب على هذا السؤال لايحتاج الى الكثير من الفطنة والفلسفة والثقافة حيث ان من ايجديات المجتمع المدني هو وجود ديمقراطية حقيقية ووجوب احترام سلطة القانون.اضافة الى المبادرات المجتمعية والفردية عبر العمل التطوعي لتحقيق هدف معين ، وبما اننا اقرينا بوجود الشرط الاول الا اننا نشك بوجود الشرط الثاني،مع غياب شبه تام للشرط الثالث،لان احترام القانون هو الضلع المكمل لتكوين المجتمع المدني ،فاحترام القانون والالتزام بالقوانيين لا يعني اننا نكبل حرية الناس ،وكذلك الديمقراطية لاتعني ان لانلتزم بالقوانيين بداع اننا احرار.
فلننظر الى المجتمعات المدنية التي نريد ان نقلدها ونقارنها بمجتمعنا،فهل سنجد عندهم سيارات تجوب الاسواق وشوارع المدن وهي لاتحمل لوحة ارقام تدل عليها،كلا لن تجد ذلك عندهم كما لن نجد احدا يرمي عقاب سكائرة او نفاياته على الطريق،ولا نجد سيارات تحمل لوحة حكومية (مدنية كانت او عسكرية) خارج اوقات الدوام الرسمي وبداخلها عائلات وخاصة في المناسبات والاعياد الدينية والوطنية،ولن نجد مسئولين (فيما تعرف بالمجتمعات المدنية)تتبعهم جيوش من الحماية وتقف ثكنات عسكرية امام قصورهم واساطيل من السيارات الفاخرة تقف امام بيوتهم لتكون في خدمتهم وخدمة اولادهم المدليين.
كما ان غياب محاسبة المخطئين سواء كانوا مواطنين عادين بسطاء او مسئولين كبار او اشباه المسئولين ليست من سمات المجتمعات المدنية،فهل يوجد لدينا من يحاسب اشباه المسئولين وليس شخصا مسولا عن الخالفات القانونية التي يرتكبونها في الشوارع على الاقل.وكأن محاسبة هولاء يعني انهيار تجريتنا التي ناضل قادتنا وشعبنا من اجلها .ان من لايلتزم بالقانون لايمههامر هذه الامة فهل سنبني مجتمعا مدنيا بزيادة عدد افراد حماية المسئولين ،ام سنبني مجتمعا مدنيا بعدم محاسبة المخطئين ان محاسبة اصغر فرد الى اكبر فرد في المجتمع هي من صميم العملية الديمقراطية ومن السمات الاضيلة للمجتمعات المدنية.
ولابد منالقول ان جعل المجتنع مدنيا لايتم في مجتمعاتنا الشرق الاوسطية عن طريق فتح وتاسيس المنظمات التي تحمل واجهات غير حكومية فقط ولا عن طريق قيام الاحزاب بصرف مبالغ كبيرة على منظمات حزبية ذات واجهات مدنية فالاساس في العمل المدني هو البادرات الفردية والجماعية التطوعية التي ليس وراءها مقاصد (سياسية- حزبية) بل تحقيق اهداف اجتماعية.
ان اقصر الطرق لانجاح هذه العملية هو ان يقوم السادة المسئولين بمراجعة تصرفاتهم وتقليدهم للمسئولين في المجتمعات الغربية ،اي ان تبدليهم لملابسهم الكردية بالملابس الاوربية غير كاف بل عليهم الاقتداء بافعال وتصرفات المسئولين الاوربين ومنها التواضع والالتزام بقوانيين الدولة واحترام القانون والحرص على المال العام واحترام تضحيات شعبهم وعدم الاستعلاء على المواطن وعدم بناء مجتمعات خاصة بهم داخل المجتمع الاكبر.
يتصرف بعض المسئولين عندنا اليوم بشكل فوقي واستعلائي حين يتسنمون مناصب سواء حكومية كانت او حزبية وتصبح مواقع مسؤولياتهم مثالا للعمل اللامدني وقديما قالوا الناس على دين ملوكهم فان تغيرت تصرفات وسلوكيات السادة المسئولين واشباه المسئولين فان الرعية سوف تقلدهم في ذلك فان هم اقاموا وزنا واحتراما للقوانين فان الرعية تقلدهم في ذلك وان هم فعلوا عكس ذلك فعلت الرعية عكس ذلك ايضا.
السؤال المهم : ماذا حققت المئات من المنظمات التيت حمل اسماء المجتمع المدني في اقليمنا الى اليوم، هل فعلا ساعدت في تطور المجتمع مدنيا ام ان عقبية الاستعلاء والاحتكار والتجاوز على القانون والاستغلال مازالت سائدة عندنا.
اذن لماذا نصرف هذه المبلغ الطائلة على مؤسات لاتستطيع القيام بنمهامها بشكل جيدا وبامكننا فعل التغيير بطرق اسرع واقل تكلفة.
ان اعادة بناء وطن مدمر اسهل بكثير من بناء انسان مدمر فكريا ويحمل قيم وافكار وتصورات انسانية ووطنية وروحية مشوشة او مشوهة،حيث ان من السهل جلب الشركات العملاقة بوجود المليارات من الدولارات لبناء افخم البنايات وحتى ناطحات السحاب في غضون بضعة سنوات ،الا انه لايمكن ابدا ان يتم بناء الانسان المدمر واعادة تأهيله ليكون انسانا ومواطنا صالحا ومفيدا يشعر بأنتمائه الى هذا الوطن وبالمسؤلية تجاهه الا عبر عقود من البناء المجتمعي السليم.عليه فان حعل المجتمع مدنيا هي عملية معقدة تتطلب عقود من العمل ويجب ان تبداء من عدة محاور منهامبادرات العمل التطوعي للافراد والمجموعات ومنها عملية البناء الثقافي للجيل الجديد من قبل الحكومة عبر تبني نظام تعليمي افضل ومنها عبر تغير بعض المسئولين لاسلوب عملهم

___________________________

نشرت في صحيفة الاهالي

Comments are closed.