هل لعلماء المسلمين هيئة في العراق ؟

رشيد فندي

عجيب أمر هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بهيئة علماء المسلمين في العراق ،فقبل مناقشة قراراتهم التي يصدرونها بين الفينة والأخرى والتي لا تستند في أساسها على أي سند شرعي على الأغلب ،نقول في البداية من الذي خوّلهم ومن الذي نصبهم هيئة دينية في العراق لأصدار القرارات والفتاوى بأسم الدين الأسلامي الحنيف، بل اضفاء الصفة الشرعية على هذا وخلعها عن ذاك، وأصدار فتاوى التخوين والتحريم بحق الناس هل اجتمع علماء المسلمين في العراق في مؤتمر او حتى اجتماع ،وأنتخب هؤلاء بشكل شرعي وخوّلوا للتحدث بأسم علماء المسلمين في العراق ؟ وهل جرت مناقشة صلاحياتهم وأمورهم وتم الأتفاق عليهم لتمثيل هذا الدور ؟ أم أنهم مجرد مجموعة من رجال الدين المتعصبين والمتطرفين شكلوا لهم هيئة بأنفسهم ،ويصدرون القرارات حسب أهوائهم ؟

كما هو معلوم فأن نصف سكان العراق يتكون من المسلمين الشيعة ،ومن المعلوم ان لا تمثيل لهذه الفئة في هيئة علماء المسلمين !! اذ ان لهم مراجعهم الشيعية حيث لا الشيعة العراقيون ولا مراجعهم الفاضلة تأتمر بأوامر هذه الهيئة التي سمّت نفسها بهيئة علماء المسلمين ..
كما انّ الشعب الكردي في العراق الذي يشكّل مالا يقلّ عن ربع السكان وهو شعب مسلم في معظمه ،له علماؤه المسلمون وله اتحاد علماء الدين الأسلامي في كردستان ،وهو غير ممثّل في هذه الهيئة التي تسمي نفسها هيئة علماء المسلمين ،ومن المؤكد ان اتحاد علماء الدين الأسلامي في كردستان غير راض عن قرارات واجتهادات وتصريحات الناطقين بأسم تلك الهيئة ،التي تنفرد بأصدار تلك القرارات المتعسفة لوحدها ودون التشاور مع علماء المسلمين الآخرين في العراق ،وكأنه لا علماء للمسلمين في العراق من السنة والشيعة غيرهم ..
لذا فمن الناحية الشرعية ،فأنّ ثلاثة أرباع المسلمين في العراق وهم ( الشيعة والكورد ) غير ممثلين في تلك الهيئة !! وحتى علماء الدين في الربع الباقي من المسلمين السنة غير ممثلين بشكل شرعي في تلك الهيئة ،بدليل أنه لم يجر أجتماع في مؤتمر ولم يجر أنتخابهم بشكل شرعي من قبل غيرهم من العلماء ،بل هم الذين نصبوا أنفسهم بأنفسهم ،فأين هذا من الشرعية الأسلامية التي تعتمد منذ القديم على مبدأ الشورى والتشاور وأخذ الآراء ،بدأ” من الخلافة الراشدة وحتى الآن ..
أما من الناحية الفكرية والدينية ،فلا ندري أين كان أولئك العلماء !! أعضاء تلك الهيئة !! ايام النظام السابق حيث أعدم العديد من علماء الدين الأسلامي في العراق من السنّة والشيعة والكرد، وضربت المراقد المقدسة بالصواريخ والقنابل ؟
لقد قام النظام البائد بأزالة ( 4500 ) قرية في كردستان ،ومن المعروف انّ الشعب الكردي معروف بتمسكه بحذافير الدين الأسلامي الحنيف ،وكان هناك مسجد عامر يؤمه المصلّون في كل قرية من تلك القرى ال ( 4500 ) وكانت عشرات المصاحف الشريفة وكتب الحديث والشريعة الأسلامية السمحاء تملأ رفوف تلك المساجد ،وعندما قام النظام البائد بتهديم كل تلك القرى مع مساجدها ،لم يسمح جلاوزة النظام حتى بأخراج المصاحف الشريفة وكتب الحديث من تلك المساجد ،بل كان أزلام النظام يقولون بان الأوامر تقضي بعدم السماح بأخذ اي شيء من المساجد ،وقاموا بتفجير تلك المساجد التي هي بيوت الله مع بيوت القرى !!
فأين كان العلماء !! من هيئة علماء المسلمين ،وكيف ان فردا” منهم لم ينبس ببنت شفة ولم يصدر فتوى تحرم تهديم بيوت الله ،ولم تحرم اموال المسلمين الكرد على ضباط وجنود ومرتزقة النظام الذين استولوا عليها وباعوها في اسواق الموصل والمدن الكبيرة الأخرى في العراق وزجوا بالنساء والأطفال الكرد في السجون والمعتقلات ،بينما ساقوا الرجال من المسلمين الكرد بالآلاف الى مصائر مجهولة حتى الآن ،كل ذلك في عمليات سميت “زورا وبهتانا ” بأسم سورة قرآنية كريمة هي الأنفال .. السؤال هو اين كان اولئك العلماء المسلمين !! الم يسمعوا او يقرأوا حديثا” نبويا” شريفا” يقول (كلالمسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه وماله) فهل ابقى جلاوزة النظام على شيء من هذا ،هل ابقوا على الدم ؟ ام العرض ؟ ام المال ؟
اين كان اولئك العلماء من رمي حلبجة بالقنابل الكيمياوية وابادة الآلاف من النساء والأطفال في لحظات معدودة ؟ عجيب أمر هذه الهيئة التي لم تقم حتى الآن وبعد كل هذه السنوات الطويلة،بأدانة عمل أجرامي وابادة جماعية كذلك العمل!! وعجيب امرها عندما تصدر الفتاوى بعدم التعاون مع الحكومة العراقية المنتخبة من الشعب العراقي ،بينما لم تحرم على النظام السابق الذي اتى للحكم عن طريق الانقلابات العسكرية أستيراده السلاح من روسيا والتحالف الوثيق معها ليقتل به العراقيين من كرد وعرب ويقتل الأيرانيين الشيعة والكويتيين السنة ،كما لم يدينوا استيراد السلاح الكيمياوي من امريكا والمانيا وفرنسا ومعظم الدول الغربية ليقتل به العراقيين ..
نحن عراقيون مسلمون لا نريد الأحتلال للعراق ،ولم تكن للشعب العراقي حاجة بمجيئه ،ولكن لتسأل هيئة علماء المسلمين نفسها ،من الذي جاء بالأحتلال للعراق وللمنطقة ؟ وهل من المنطق في شيء ان تسوّغ هيئة العلماء بشكل او بآخر قتل العراقيين بحجة اخراج المحتل ،كما تروّج بعض المنظمات الأرهابية ؟فهو اسلوب لايختلف عن اسلوب النظام السابق في الحروب ،اذ كانت ابواق النظام اثناء الحرب العراقية الأيرانية تردد ،بان طريق تحرير القدس يمر عبر طهران ،وعندما قام النظام باحتلال الكويت ،غيّر شعاره السابق ،وقالوا بأن طريق تحرير القدس يمر عبر الكويت !!
وفي كل ذلك لم ينبس واحد من العلماء !! المسلمين !!بكلمة واحدة ولم يقل احدهم بأنكم أخطأتم الطريق وانتم بحاجة لخارطة للطريق ،فأن طريق القدس لايمر من الكويت ولا من طهران ، بل يمر بخط مستقيم عبر الصحراء الغربية العراقية مخترقا الأردن الى ان يصل القدس بكل سهولة ويسر

_______________________

نشرت في مجلة صوت الاخر

Comments are closed.